اتفاقية كيوتو ودورها فى تطوير الإجراءات الجمركية - أ. محمود عيسى


اتفاقية كيوتو ودورها فى تطوير الإجراءات الجمركية

تبنت منظمة الجمارك العالمية إصدار إتفاقية (كيوتو) لتبسيط وتنسيق الإجراءات الجمركية المعدلة، والتي اعتبرت أحد أهم إنجازات العمل الجمركي في القرن الحادي والعشرين، حيث ساهمت في إيجاد لغة جمركية موحدة، وحولت الإجراءات الجمركية من عمل تحكمه أعراف وممارسات جمركية متوارثة يشوبها التعقيد أحيانا، أو التساهل أحيانا أخرى، إلى عمل يقوم على أسس ومعايير دولية قابلة للقياس. الأمر الذي يتطلب منا أن نتناول بصورة مبسطة شرح لهذه الإتفاقية ودورها في تبسيط وتنسيق الإجراءات الجمركية، مما يؤدى إلى تيسير التجارة الدولية وإدارة الحدود على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وبما يحقق الشفافية لكافة الزملاء العاملين والمتعاملين.
يتم قياس الإجراءات الجمركية وفق معادلة رياضية ذات بسط ومقام، وناتجها هو رقم رياضي يعبر عن متوسط زمن الإفراج ويقارن بالنسب الدولية لأزمنة الإفراج, وقد أوضحت الدراسات الجمركية أن تأخر زمن الإفراج الجمركي في المتوسط يؤدى لزيادة التكلفة بمعدل 15%، مما يجعل الإدارات الجمركية أمام مسئولية ضخمة لدعم اقتصاديات دولها, وقد تناولت الاتفاقية في ملحقها العام المعايير الدولية المنظمة لإدارة الحدود على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي. وقد بذلت الجمارك المصرية جهودا ضخمة من أجل تطوير وتحديث الإجراءات, فتبنت تدريس اتفاقية كيوتو كأحد المواد التي تقدم في المعهد القومي للتدريب الجمركي، وذلك لحرصها على تطوير أداء العاملين بها.
تعتبر إتفاقية كيوتو لتبسيط وتنسيق الإجراءات الجمركية المرجعية الدولية الوحيدة التي تضع المعايير الدولية الواجبة التطبيق من قبل الإدارات الجمركية، بما يؤدى إلى تيسير التجارة الدولية. وقد تم البدء في تحديث وتطوير الاتفاقية منذ عام 1974 لتتمشى مع متطلبات الحكومات والتجارة الدولية, وفى يونيو عام 1999 اعتمد مجلس منظمة الجمارك العالمية اتفاقية كيوتو المنقحة باعتبارها المخطط الرئيسي لوضع الإجراءات الجمركية الحديثة والفعالة للقرن الحادي والعشرين, وأصبح حاليا عدد الأعضاء المنضمين لها 71 دولة, وعند تنفيذها على نطاق واسع فإن ذلك سيوفر للتجارة الدولية القدرة على التنبؤ وبكفاءة لمتطلبات التجارة الحديثة. وتضع الإتفاقية مجموعة من المبادئ الأساسية الحاكمة لتنفيذ برامج تهدف إلى تحديث الإجراءات والممارسات الجمركية بصورة مستمرة مما يرفع من الكفاءة والفعالية، وهذه المبادئ هي:
  • تطبيق الإجراءات والممارسات الجمركية بأسلوب يتميز بالشفافية والتنسيق يمكن التنبؤ به.
  • تقديم كل المعلومات اللازمة إلى الأطراف المعنية فيما يتعلق بالقوانين والأنظمة والخطوط الإرشادية الإدارية والإجراءات والممارسات الجمركية0
  • إعتماد أساليب حديثة كإدارة المخاطر والرقابة القائمة على المراجعة والإستخدام العملي الأمثل لتكنولوجيا المعلومات0
  • التعاون مع السلطات المحلية وإدارات الجمارك والمجتمعات التجارية.
  • تنفيذ المعايير الدولية ذات الصلة.
وإتفاقية كيوتو المنقحة تشجع تيسير التجارة ووضع ضوابط فعالة من خلال أحكامها القانونية التي تعرض بالتفصيل لتطبيق إجراءات بسيطة لكنها فعالة. و تحتوي الإتفاقية أيضا على معايير جديدة واجبة التطبيق على جميع الأطراف المتعاقدة التي يجب أن تقبل بدون تحفظ, وقد دخلت اتفاقية كيوتو المنقحة حيز النفاذ في 3 فبراير 2006.

القواعد التي تحكم الإتفاقية :

1- المعيار ( standard ) هو الحكم الذي يجب أن تلتزم الدولة العضو بتنفيذه خلال 36 شهر من تاريخ إيداع وثيقة الإنضمام في مقر منظمة الجمارك العالمية.
2- المعيار الإنتقالي ( transitional Standard ) هو الحكم الذي يجب أن تلتزم الدولة العضو بتنفيذه خلال 60 شهر من تاريخ إيداع وثيقة الإنضمام في مقر منظمة الجمارك العالمية.
3- تطبيق موصى به (Recommended Practice) هي التطبيقات الواردة في الملاحق الخاصة والتي يجب أن تلتزم الدولة العضو بتنفيذها خلال 36 شهر من تاريخ إيداع وثيقة الانضمام في مقر منظمة الجمارك العالمية ما لم يكن هناك تحفظات على واحد أو أكثر من تلك التطبيقات.

هيكل الإتفاقية :

تتكون الإتفاقية من :
1- أكثر من 600 قاعدة قانونية تتضمن معايير أساسية وانتقالية وإجراء موصى به تضع الخطوط العريضة للمبادئ الأساسية لكل الإجراءات والممارسات الجمركية.
2- المبادئ العامة للإتفاقية: ( 5 فصول) تعبر عن مبدأين هما تبسيط وتسهيل الإجراءات بتضمين الملحق العام في التشريعات الوطنية وأن تتعاون الجمارك مع المجتمع التجاري.
3- ملحق عام: يتكون من (10فصول) تتضمن المبادئ الأساسية لكل الإجراءات والممارسات الجمركية من أجل ضمان تطبيقها بشكل سليم من قبل الإدارات الجمركية .

محتويات الملحق العام:

يتضمن الملحق العام معايير واجبة التنفيذ بعد 36 شهر من التصديق على الإتفاقية, ومعايير إنتقالية واجبة التنفيذ بعد 60 شهر من التوقيع على الإتفاقية وذلك وفق أحكام المادة 13 فقرة 1- 2، وفى حالة التحفظ على الملحق العام يعتبر ذلك بمثابة إنسحاب من الإتفاقية.
الملاحق الخاصة:
تتكون الملاحق الخاصة من (10 ملاحق- 25 فصل) تغطى الإجراءات الجمركية للوارد والصادر وحركة الركاب , وتتضمن معايير واجبة التطبيق بعد 36 شهر من التصديق، كما تتضمن إجراءات موصى بها واجبة التنفيذ بعد 36
شهر من تصديق العضو، كما يمكن التحفظ على أي من الفصول أو الإجراءات الموصى بها بشرط إرسال المبررات التى تتعارض والتشريعات المحلية، وذلك إلى لجنة إدارة الإتفاقية وفق أحكام المادة 12 فقرة 1-2.
ولا يعد قبول الملاحق الخاصة إجبارياً للدخول في الإتفاقية.
توصى wco الأطراف المنضمين للاتفاقية على أقل تقدير بقبول الملاحق التالية:
  • الملحق B الاستيراد ( المتطلبات الدنيا للاستيراد ).
  • الملحقC التصدير بالمقارنة مع التصدير المؤقت.
  • الملحق D المستودعات والمناطق الحرة.
  • الملحقE الترانزيت.
  • الملحق F التصنيع.
وقد بلغ عدد الأعضاء المنضمين للملاحق الخاصة حوالي 20 عضوا، وهذا ما جعل لجنة الإدارة توجه رسائل للدول التي لم توقع على هذه الملاحق لحثها على التطبيق، بما يؤدى إلى رفع كفاءة الإجراءات الجمركية وتيسير التجارة الدولية.
محتويات الملاحق الخاصة

الخطوط الإرشادية Guide lines:

أعدت المنظمة شروحا تفسيرية لكافة المعايير والمعايير الإنتقالية والإجراء الموصى به لكافة الملاحق والفصول، عدا الفصل الثاني حيث إنه تعريفات في غاية الأهمية يجب أن تؤخذ كما هي، وتحتوى هذه الشروح على تجارب الدول الأعضاء في كيفية تطبيق الإتفاقية، وهى إرشادية وغير ملزمة، ولكنها تشكل مجالا ضخما لتبادل الخبرات في مجال الإجراءات الجمركية، وقد قامت الجمارك المصرية بترجمة هذه الشروح لأهميتها فى العمل الجمركي

موائمة التشريعات الوطنية:

يتعين على الدول الإطراف موائمة تشريعاتهم الوطنية مع المعايير والمعايير الإنتقالية والمعايير الموصى بها في الإتفاقية، ما دامت قد قبلتها الدولة العضو دون تحفظ وأخطرت لجنة الإتفاقية بذلك. وفى حالة عدم التمكن من موائمة بعض الإجراءات الموصى بها يتعين على الدولة التقدم إلى اللجنة بالأسباب والتشريعات المحلية التي تتعارض مع هذه الإجراءات لكي تتخذ اللجنة قرارها وفق المادة 12/2 من هيكل الإتفاقية.
تجربة مصر في موائمة التشريع الوطني

إنضمام مصر إلي الإتفاقية:

إنضمت مصر لإتفاقية كيوتو المعدلة للإستفادة من المعايير الدولية الجمركية في تحديث واستكمال منظومة التطوير التي بدأتها الجمارك المصرية, وقد صدر القرار الجمهوري رقم 334 لسنة 2007 بالإنضمام للإتفاقية, وتم موافقة مجلس الشعب علي هذا القرار في 11 / 12 / 2007.
وقد تم إيداع وثيقة الإنضمام في مقر منظمة الجمارك العالمية في 8 / 1 / 2008, وتم قبول الملحق العام والملاحق الخاصة. ولم تتحفظ الجمارك المصرية على أي منها، لما لمسته من فوائد في تطبيق هذه المعايير الجمركية الدولية، التي تتوافق مع معظم التشريعات المصرية.

مثال حالات عدم التوافق:


بناء قدرات العاملين والمتعاملين :

تم ترجمة الإتفاقية من قطاع النظم والإجراءات الجمركية وتوزيعها على معظم العاملين, كما تم عقد ورش عمل لكافة القطاعات الجمركية لتبادل الخبرات وكيفية موائمة التشريعات الوطنية, كما تم إعتماد الإتفاقية كمادة تدريبية يتعين إجتيازها للحصول على حق التوقيع.
و يتم عمل دورات للمجتمع التجاري والجامعات المتخصصة حول الإتفاقية بالمعهد القومي للتدريب الجمركي, كما يتم عمل برامج تدريبية بالمركز الإقليمي لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأدنى بالتنسيق مع الممثل الإقليمي بالجمارك المغربية.
من هذا السرد السريع يتبين لنا أهمية هذه الإتفاقية وأهمية الإلمام بمصطلحاتها الإنجليزية وما يقابلها في اللغة العربية للتواصل في الندوات والمؤتمرات الدولية, ولتوحيد وضبط قواعد المهنة، كما أصبحت مرجعية ضرورية عند التفكير في إعادة هندسة الإجراءات الجمركية في أي دولة من دول العالم.
وفى النهاية أتمنى أن أكون قد ساهمت في تسهيل التعامل مع هذه الإتفاقية وحببت الزملاء فى أن ينهلوا من هذا العلم الجمركي والله ولى التوفيق.

إرسال تعليق

يسعدنا قبول تعليقاتك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال